تاريخ الولايات المتحدة (1789–1849)
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
أسس جورج واشنطن، أول رئيس أمريكي مُنتخب في عام 1789، حكومة وزارية تتكون من وزارة الخارجية، ووزارة الخزانة، ووزارة الحرب إلى جانب مكتب المدعي العام (أُسست وزارة العدل عام 1870). تمركزت تلك الحكومة في نيويورك وفزعت إلى إعادة بناء الهيكل المالي للبلد. عُين ألكساندر هاميلتون وزيرًا للخزانة الأمريكية وشرع في تنفيذ برنامج الوزارة، وبناءً عليه تحملت الحكومة مسؤولية سداد ديون الحرب ضد الإنجليز المستحقة للولايات والحكومة القومية، وسددت مستحقاتهم عن طريق إصدار سندات فيدرالية جديدة. تمكنت الحكومة من جمع أموال البرنامج عن طريق الجمارك والضرائب الجديدة التي فرضتها: على سبيل المثال ضريبة الويسكي التي أدت إلى نشوب ثورة في الغرب، مما جعل واشنطن يحشد جيشًا لإخمادها. تبنت الولايات المتحدة وثيقة الحقوق على صورة 10 تعديلات على الدستور الأمريكي. ترتب على إصدار قانون السلطة القضائية عام 1789 إلى إنشاء الجهاز القضائي الفيدرالي بأكمله بما يتضمن المحكمة العليا. لعبت المحكمة العليا دورًا هامًا تحت قيادة رئيس القضاة جون مارشال (1801–1835) الذي كان مؤيدًا لمذهب القومية والاتحادية، وله الفضل في تأسيس محكمة عليا قوية وتوطيد أسس الحكومة الوطنية.
فرع من |
---|
اتسم عقد 1790 بنزاعات حادة، إذ ظهر فيه نظام الحزب الأول في الولايات المتحدة في ظل النزاع القائم بين هاميلتون وحزبه الفيدرالي من جهة، وتوماس جيفرسون وحزبه الجمهوري من جهة أخرى. كان واشنطن وهاميلتون يخططان لبناء حكومة وطنية قوية تمتلك أسسًا مالية واسعة، وتدعم التجار والممولين في جميع أنحاء البلد. بينما عارض أنصار جيفرسون تأسيس البنك الوطني الجديد، والبحرية الأمريكية، وفرض الضرائب الفيدرالية. أظهر الفيدراليون دعمهم لبريطانيا التي كانت منهكة من سلسلة من الحروب مع فرنسا. وقد أدى انتصار جيفرسون عام 1800 إلى بداية عصر الديموقراطية الجيفرسونية، وحُكم على علية القوم من الفيدراليين بأداء أدوار هامشية.
أفضت صفقة لويزيانا التي تمت بين الحكومة الأمريكية ونابليون عام 1803 إلى حصول الولايات المتحدة على مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة الغربية، وهو الأمر الذي لبى احتياجات المزارعين القرويين الذين كانت أعدادهم تتزايد بسرعة وكان جيفرسون نصيرًا لهم.
أعلن الأمريكيون الحرب على بريطانيا (حرب عام 1812) للحفاظ على سيادة الولايات على البحار،[1] وإنهاء غارات الهنود (السكان الأصليين) على المناطق الغربية، والاستيلاء على المستعمرات الكندية بشكل مؤقت لاستغلالها في المفاوضات. قال وزير الخارجية جيمس مونرو في يونيو 1812: «قد نضطر إلى غزو كندا، لا لنحتفظ بها كنصيبنا من الحرب بل لكي نختتم الحرب بنتيجة مرضية». على الرغم من ضعف إدارة الحكومة الأمريكية وسلسلة من الهزائم المتتالية في البداية، عثر الأمريكيون على قادة حرب جدد مثل أندرو جاكسون وويليام هنري هاريسون وواينفيلد سكوت الذين تصدوا لغزوات البريطانيين وتمكنوا من كسر التحالف بين البريطانيين والهنود الذين احتلوا مستوطنات شمال الغرب القديمة. وحُطمت عزائم الفيدراليين فور سماعهم نبأ انتصار الاتحاد على البريطانيين، إذ أنهم أصروا على معارضة الحرب لدرجة أنهم تحالفوا مع العدو وهددوا بالانسحاب من الاتحاد. أما بقية الهنود الذين استوطنوا أراضي شرق الميسسيبي فقد مكث بعضهم في محميات الهنود وأُرغم البعض الآخر على الانتقال عبر مسلك الدموع للعيش في محميات الهنود الواقعة فيما عُرف لاحقًا بولاية أوكلاهوما.
سمح إعلان الحكم الديمقراطي في الولايات المتحدة لجميع الرجال البيض تقريبًا بإدلاء أصواتهم، مما سمح لحزب جاكسون الديمقراطي بالهيمنة على المناخ السياسي في أمريكا في ظل نظام الحزب الثاني. بينما أراد حزب اليمين (الذي يمثل الأغنياء من المزارعين والتجار والممولين والفنيين) للمجتمع أن يواكب العصر الحديث عن طريق فرض الجمارك وتنفيذ الإصلاحات الداخلية الممولة من الحكومة الفيدرالية؛ ولكن أنصار جاكسون وصدوا الأبواب في وجوههم عن طريق إغلاق البنك الوطني في عقد 1830.[2] أراد أنصار جاكسون التوسع في الأراضي واحتلال المزيد من الأراضي لتوطين المزارعين والزراع (نتيجة لاعتقادهم بالقدر المتجلي، أي الاعتقاد القائل بأن أمة الولايات المتحدة سوف تتوسع من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي). وبفضل احتلال تكساس وضمها إلى الولايات المتحدة وهزيمة المكسيك في الحرب وضعف بريطانيا تمكنت الولايات المتحدة من ضم ثلثها الغربي الأخير، وبذلك اكتملت الولايات المتحدة القارية بحلول 1848.
يرى هاو أن انتشار الديمقراطية في المناخ السياسي لم يكن سببًا رئيسيًا في التحول التي جرى في الولايات المتحدة بل بالأحرى كان النمو الهائل للتكنولوجيا وشبكة البنية التحتية والاتصالات – التليغراف، السكك الحديد، المكتب البريدي، وصناعة المطبوعات المتوسعة. وقد سمحت تلك العوامل بإشعال حركة الصحوة العظمى الثانية (حركة بروتستانية تهدف إلى إعادة إحياء الدين المسيحي)، وتوسعة برامج التعليم والإصلاح الاجتماعي. وقد أدت كذلك إلى تحديث سياسة الأحزاب وتسريع إنشاء الأعمال عن طريق تمكين الناس من نقل بضائعهم وأموالهم وأنفسهم عبر أنحاء البلد المتوسعة بطرق سريعة وفعالة. فقد حولت مجموعة متفككة من المجتمعات الدينية الزراعية إلى أمة قوية حضرية.[3] أنطلقت التحديثات الاقتصادية بسرعة هائلة بفضل تجارة محاصيل القطن المربحة في الجنوب، وصناعات المنسوجات والآلات في شمال الشرق، وبنية النقل التحتية المتنامية.
على مدار الفترة 1791-1838 أُسست 13 ولاية جديدة.
تحرر الأمريكيون من الأنماط الأوروبية وطوروا ثقافتهم الخاصة، بالأخص فيما يتعلق بالأدب والتعليم. أعادت حركة الصحوة الكبرى الثانية إحياء الدين في جميع أنحاء البلد، وكونت طوائف مسيحية جديدة وأدت إلى زيادة عدد أعضاء الكنائس من بين المعمدانيين والميثوديين بصفة خاصة. بحلول عقد 1840 وصل عدد متزايد من المهاجرين الأوروبيين إلى أمريكا، وبخاصة البريطانيين والأيرلنديين والألمان. استوطن معظمهم المدن الحضرية التي بدأت في الظهور كعامل مهم في تطور الاقتصاد والمجتمع. حذر أنصار حزب اليمين من أن ضم تكساس إلى الولايات المتحدة سوف يؤدي إلى كارثة متعلقة بالعبودية، وقد ثبتت نبؤتهم بالفعل بعد نشوب الفوضى في عقد 1850 التي أدت إلى الحرب الأهلية.[4]