أزمة يوليو
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
أزمة يوليو (بالإنجليزية: July Crisis) كانت أزمة دبلوماسية بين القوى الكبرى في أوروبا في صيف عام 1914، وقد قاد ذلك إلى قيام الحرب العالمية الأولى في الحال بعدما اغتال غافريلو برينسيب وليَّ عهد الإمبراطورية النمساوية المجرية الأرشيدوق فرانس فيرديناند مع زوجته في أثناء زيارة رسمية لهما لمدينة ساراييفو في مملكة صربيا.[1] كانت الأزمة سلسلة من التصعيدات الدبلوماسية والعسكرية المتداخلة بين القوى العظمى في أوروبا في صيف عام 1914 والتي كانت السبب الأساسي في نشوب الحرب العالمية الأولى.
بدأت الأزمة في 28 يوليو من عام 1914، عندما اغتال البوسني الصربي غافريلو برينسيب الأرشيدوقَ فرانس فرديناند، الوريث المفترض لعرش الإمبراطورية النمساوية المجرية. تسببت شبكة معقدة من التحالفات، مصحوبة بسوء تقدير كثيرٍ من القادة الذين ظنوا أن الحرب ستكون من صالحهم والاحتمالية الضعيفة لاندلاع حرب في عموم القارة، بنشوب موجة من أعمال العنف ضمن الغالبية السحيقة من الدول الأوروبية العظمى في بداية شهر أغسطس من عام 1914، والتي شملت لاحقًا جميع الدول الأوروبية العظمى في مايو من عام 1915.
اعتبرت الإمبراطورية النمساوية المجرية الحركات الوحدوية للسلاف الجنوبيين، كما روجت له المملكة الصربية، تهديدًا لوحدة الأمة. سعت النمسا لتوجيه ضربة عسكرية لصربيا لبرهنة قوتها ولتحذير صربيا من دعم القومية اليوغوسلافية. بالرغم من ذلك، خشيت النمسا من ردة فعل الإمبراطورية الروسية، والتي كانت من الداعمين الرئيسيين لصربيا؛ لذا سعت النمسا للحصول على ضمانٍ من حليفتها ألمانيا لدعمها في أي نزاع قد يحصل. ضمنت ألمانيا دعمها للنمسا، ولكنها حثتها على بدء الهجوم بسرعة، ما دام العالم متعاطفًا مع اغتيال فرديناند، وذلك لتحجيم الحرب ومنع روسيا من التدخل فيها. اعتقد بعض القادة الألمان أن تنامي القوة الاقتصادية الروسية سيغير من ميزان القوة بين الدولتين وأنه لا بد من خوض الحرب وأن ألمانيا ستصبح أفضل حالًا في حالة نشوب حرب في وقت قريب. على الرغم من هذا، وبدلًا من القيام بهجمة سريعة بما يتوفر من القوى العسكرية، استمر القادة النمساويون بالتباحث حتى منتصف شهر يوليو قبل أن يقرروا توجيه إنذارٍ شديد اللهجة في 23 يوليو عُرِف بإسم إنذار يوليو وأنهم لن يهاجموا دون تحشيدٍ كامل لجيشهم، وهو الذي لم يحصل قبل يوم 25 يوليو من عام 1914.
قبل أن ترد صربيا على الإنذار، قررت روسيا التدخل في أي حرب نمساوية صربية وأمرت بتحشيدٍ جزئي لقواتها المسلحة. في الوقت الذي أقرت فيه القيادة الروسية العسكرية عدم جهوزيتها لحرب عامة، فقد آمنت روسيا بأن مظلمة النمسا ضد صربيا ليست سوى ذريعة مدبرة من قبل ألمانيا وأن على روسيا أن تُظهر قوتها من خلال دعمها لحليفتها صربيا. يعد هذا التحشيد أول حركة عسكرية كُبرى لطرف غير مشترك في النزاع القائم بين الإمبراطورية النمساوية المجرية وصربيا؛ إذ رفعت من رغبة صربيا في صد الخطر المحدق للهجوم النمساوي وزادت كثيرًا من حذر ألمانيا من جموع قطعات الجيش الروسي المنتشرة قرب حدودها. في السابق، توقعت القوة العسكرية الألمانية أن يكون تحشيد القوات الروسية أبطأ من تحشيد القوات الفرنسية الحليفة لها على الحدود الغربية لألمانيا؛ لذا فقد تضمنت الاستراتيجية العسكرية الألمانية في أي نزاع لها مع روسيا: الهجوم على فرنسا من خلال بلجيكا لتجنب الدفاعات الفرنسية الثابتة ودحر القوات الفرنسية في الغرب قبل التوجه لمجابهة روسيا في الشرق، فيما عُرف بـخطة شليفن، كانت فرنسا على دراية بأن عليها التعاون مع حليفتها روسيا لدحر خصمهم الألماني، لذا زادت من تحضيراتها مع ارتفاع حدة التوترات على طول الحدود الروسية، والذي زاد بدوره من قلق ألمانيا.
في حين كانت بريطانيا العظمى على توافق مع روسيا وفرنسا، فقد كان لديها أيضًا علاقات دبلوماسية ودية نسبيًا مع ألمانيا، ولم ير القادة البريطانيون سببًا مقنعًا لتوريط بريطانيا في حرب قارية، عرضت بريطانيا وساطتها مرارًا، مستخدمة الرد الصربي أساسًا للتفاوض، وقطعت ألمانيا وُعودًا مختلفة في محاولة لضمان حيادية بريطانيا. بالرغم من ذلك، قررت بريطانيا بأن لديها التزامًا أخلاقيًا يُملي عليها الدفاع عن بلجيكا ودعم حلفائها الرسميين، مما جعلها آخر دولة عظمى تشترك بفعالية في أزمة يوليو بعد دخولها النزاع رسميا في 4 أغسطس. بحلول أغسطس، أصبح كل من السبب المزعوم للنزاع المسلح والخلاف بين صربيا والإمبراطورية النمساوية المجرية حول مقتل الوريث الشرعي للعرش أمرًا هامشيًا لحربٍ أوروبية عامة.