حملة المتوسط 1793-1796
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
حملة المتوسط بين عامي 1793 و1796 هي إحدى مسارح الحرب الكبرى في السنوات الأولى من حروب الثورة الفرنسية. بدأت الحملة إبان حرب التحالف الأول، واندلع النزاع أساسًا في غرب البحر المتوسط، بين أسطول المتوسط التابع للبحرية الفرنسية المتمركز في تولون جنوب فرنسا من جهة، وأسطول البحر المتوسط التابع للبحرية الملكية البريطانية بمساندة البحرية الإسبانية وأساطيلٍ عسكرية صغيرة تمتلكها بعض الدول الإيطالية. تركّزت المعارك الكبرى في البحر الليغوري، وكان الهدف الرئيسي هو إبقاء الحصار البريطاني البحري على ساحل المتوسط الفرنسي، في حين كان هدف الفرنسيين مقاومة هذا الحصار. انتشر النزاع إلى مناطقٍ إضافية على امتداد طرق التجارة عبر المتوسط، وتميّزت تلك المعارك بانخراط سفنٍ حربية منفردة وأساطيل أصغر حجمًا.
بدأت الحملة بعد فترة قصيرة من نشوب حرب التحالف الأول، انطلاقًا من الهجوم الفرنسيّ على جزيرة سردينيا المحايدة في ديسمبر عام 1792، والذي باء بالفشل. أعلنت فرنسا الحرب على بريطانيا العظمى في فبراير من عام 1793، فأرسلت بريطانيا أسطولًا إلى البحر المتوسط تحت قيادة الأدميرال اللورد هود لحماية طرق التجارة في المنطقة. شهدت البحرية الفرنسية حالةً من التخبط وضعف التنظيم نتيجة الاضطراب الاجتماعي الدائر في البلاد، ولم تستطع مقاومة البريطانيين وحلفائهم في البداية. استطاع هود ـإلى جانب حلفائه الإسبان والإيطاليّين- الاستيلاء على تولون والأسطول الفرنسي بأكمله في أغسطس عام 1793، وذلك بعد اندلاع انتفاضة موالية للملكية في البلدة تلاها حصارٌ استمرّ 4 أشهر نفّذته جيوش الجمهورية الفرنسية التي كان نابليون بونابرت الشاب في صفوفها آنذاك. طُرد الحلفاء في نهاية المطاف، واستعاد الفرنسيون سيطرتهم على الأسطول، لكن البريطانيين دمّروا ما يزيد عن نصف السفن أثناء انسحابهم.
كرّس هود سنة 1794 للاستيلاء على جزيرة كورسيكا، في حين انشغل الفرنسيّون بإعادة الإصلاح، فعزم على جعلها قاعدةً للعمليات الأمامية أثناء حصار تولون. استغرقت العملية وقتًا أطول من المتوقع، وتقاعد هود من الخدمة بحلول سنة 1795 ليحلّ وليام هوثام محلّه. واجه هوثام الأسطول الفرنسي بعد إصلاحه تحت قيادة بيير مارتن، والأخير هو قائد عددٍ من الطلعات التي انطلقت من تولون، فانتهت المواجهات بتحقيق انتصار غير قاطعٍ للبريطانيين في معركتي جنوة وجزر ايير. نشر مارتن أساطيلًا صغيرة وأمرها لاحقًا بتنفيذ عمليات تدميرية ضد التجارة البريطانية. تخلّى حلفاء بريطانيا عنها بحلول عام 1796 جراء الانتصارات العسكرية في إيطاليا والمفاوضات الدبلوماسية مع إسبانيا، فأعلنت إسبانيا الحرب على بريطانيا في شهر سبتمبر، واضعةً الأسطول البريطاني بين فكي كماشة عدوين قويين. سحبت الأميرالية البريطانية أسطولها، الذي خضع لقيادة السير جون جرفيس حينها، من البحر المتوسط إلى نهر تاجة كي تتجنّب دماره.