حجة أنطولوجية
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
الحجة الأنطولوجية هي حجة فلسفية مبنية على أساس وجودي تقدم لدعم فكرة وجود الله. تميل مثل هذه الحجج إلى الإشارة إلى حالة الوجود. وبشكل أكثر تحديدًا، تُصوَّر الحجج الأنطولوجية عمومًا على أنها مسبقة فيما يتعلق بتنظيم الكون، حيث ترى أنه إذا كان هذا الهيكل التنظيمي صحيحًا، فلا بد أن الله موجود.
تعتبر أول حجة وجودية في التقليد المسيحي الغربي هي تلك التي قدمها القديس أنسلم رئيس أساقفة كانتربري في برزوليوم (خطبة / موعظة حول وجود الله) عام 1078، حيث يعرّف الله بأنه «كائن لا يمكن تصور ما هو أعظم منه»، ويجادل بأن هذا الكائن موجود طوال الوقت في الأذهان، حتى في ذهن الشخص الذي ينكر وجود الله.[1] ومن هذا المنطلق، يجادل أنسلم أنه إذا كان أعظم كائن ممكن موجودًا في العقل، فيجب أن يكون موجودًا أيضًا في الواقع، لأنه إذا كان موجودًا في العقل فقط، فلا بد أن هناك كائنًا أعظم من هذا الذي في العقل موجود في العقل وفي الواقع. لذلك، يجب أن يوجد هذا الكائن الأعظم الممكن في الواقع أيضًا.
ولدت بعض الأفكار الفلسفية قدرًا كبيرًا من الاهتمام والمناقشة مثل الحجة الأنطولوجية التي نالت اهتمام كل العقول العظيمة في الفلسفة الغربية تقريبًا. استخدم الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت في القرن السابع عشر حجة مماثلة لحجة أنسلم، حيث نشر ديكارت في حجته العديد من المفارقات التي يركز كل منها على فكرة أن وجود الله لا يمكن الاستدلال عليه على الفور انطلاقًا من فكرة «واضحة ومتميزة» عن كائن مثالي للغاية.
عزز جوتفريد لايبنيز في أوائل القرن الثامن عشر أفكار ديكارت في محاولة لإثبات أن الكائن «المثالي للغاية» هو مفهوم متماسك. ثم جاءت حجة وجودية أكثر حداثة من كورت جودل الذي اقترح حجة رسمية لوجود الله.
أحيا نورمان مالكوم الحجة الأنطولوجية في عام 1960 عندما حدد حجة وجودية ثانية أقوى من التي تكلم عنها أنسلم في كتابه، ثم طعن ألفين بلانتينجا في صحة هذه الحجة، واقترح بديلاً يعتمد على المنطق النموذجي. كما بذلت أيضًا محاولات للتحقق من صحة إثبات أنسلم باستخدام مبرهن نظرية آلية. تم تصنيف الحجج الأخرى على أنها وجودية، بما في ذلك تلك التي قدمها الفلاسفة المسلمون مثل صدر الدين الشيرازي، والعلامة محمد حسين الطباطبائي.
ومثلما شاعت الحجة الأنطولوجية، تصاعد في مقابلها عدد من الانتقادات والاعتراضات أيضًا. كان من أوائل المنتقدين للحجة الأنطولوجية هو الراهب جونيلو مارموريتييه، وهو راهب معاصر لأنسلم، اقترح جونيلو أن الحجة الأنطولوجية يمكن استخدامها لإثبات وجود أي شيء، واستخدم على سبيل التشبيه فرضية وجود جزيرة كاملة قائلًا:
«الآن إذا أخبرني أحدهم أن هناك جزيرة... لا يمكن تصور أكمل منها، فلا أجد صعوبة في فهم كلامه، لكن لنفترض أنه استمر في القول كما لو كان استنتاجًا منطقيًّا: «لم يعد بإمكانك الشك في أن هذه الجزيرة الأجمل من جميع الأراضي موجودة في مكان ما، فبما أنه لا يوجد لديك شك في أنك تتصورها، فمن الأفضل ألا توجد هذه الجزيرة في الذهن فقط، بل أن تكون موجودة في الذهن والواقع، ولهذا السبب يجب أن تكون موجودة، فإذا لم تكن موجودة في الواقع، فستكون أي أرض موجودة بالفعل أفضل منها، وعليه فالجزيرة التي تتصور أنها أعظم من أي جزيرة أخرى لن تكون كذلك»»
كان نموذج جونيلو لمحاولة استنتاج وجود جزيرة مثالية هو الأول من بين العديد من نماذج المحاكاة الساخرة التي حاولت كلها لإظهار النتائج العبثية للحجة الأنطولوجية.
رفض القديس توما الإكويني الحجة على أساس أن البشر لا يستطيعون معرفة طبيعة الله. قدم ديفيد هيوم أيضًا اعتراضًا تجريبيًا على الحجة، منتقدًا افتقارها إلى التفكير المنطقي، ورفض فكرة أن أي شيء يمكن أن يوجد بالضرورة. استند نقد إيمانويل كانط إلى ما رآه على أنه فرضية خاطئة مفادها أن الوجود مسند، بحجة أن «الوجود» لا يضيف شيئًا (بما في ذلك الكمال) إلى جوهر الكائن. وبالتالي، يمكن تصور عدم وجود كائن «مثالي للغاية». وأخيرًا، رفض الفلاسفة مثل سي دي برود تماسك فكرة وجود كائن عظيم إلى أقصى حد، مقترحًا أن بعض سمات العظمة لا تتوافق مع سمات أخرى، مما يجعل «الوجود العظيم إلى أقصى حد» فكرة غير متماسكة منطقيًّا.
كان من بين المدافعين المعاصرين عن الحجة الأنطولوجية ألفين بلانتينجا، ويوجين ناجازاوا، وروبرت مايدول.