الفتح الروماني لشبه الجزيرة الإيبيرية
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
الفتح الروماني لشبه الجزيرة الإيبيرية هو عمليةٌ استولت الجمهورية الرومانية من خلالها على أقاليم ضمن شبه الجزيرة الإيبيرية التي خضعت سابقًا لحكم قبائل السلتيأيبيرين الأصلية والإمبراطورية القرطاجية. شكلت شبه الجزيرة موطنًا لمجموعات إثنية متنوعة وعدد كبير من القبائل. تعرضت أقاليم قرطاجة للفتح في جنوب وشرق شبه الجزيرة عام 206 قبل الميلاد خلال الحرب البونيقية الثانية (218-201 قبل الميلاد). امتدت السيطرة الرومانية تدريجيًا على أغلب أراضي شبه الجزيرة الإيبيرية دون إلحاقها بالجمهورية الرومانية. اكتملت السيطرة بعد نهاية الجمهورية الرومانية عام 27 قبل الميلاد وقيام الإمبراطورية بقيادة أغسطس الإمبراطور الروماني الأول، والذي ألحق كامل شبه الجزيرة بالإمبراطورية الرومانية عام 19 قبل الميلاد.
بدأ فتح شبه الجزيرة باستحواذ الروم على أقاليم قرطاج في هسبانيا الجنوبية وعلى امتداد الساحل الشرقي نتيجة هزيمتهم القرطاجيين عام 206 قبل الميلاد، تلا ذلك مغادرة القوات القرطاجية شبه الجزيرة.
نجم عن هذا الانتصار تواجد روماني مستمرفي هذه الأقاليم جنوب وشرق هسبانيا. بعد أربع سنوات من انتهاء هذه الحرب، أي في عام 197 قبل الميلاد، أسس الرومان مقاطعتين. الأولى كانت هسبانيا سيتيريور (إسبانيا الأقرب) التي امتدت على أغلب الساحل الشرقي (منطقة تتوافق بنسبة كبيرة مع مجتمعات الحكم الذاتي الحديثة التي تشمل فالنسيا وكاتالونيا وجزءًا من منطقة أرغون) والثانية هسبانيا أوليتير (إسبانيا لأبعد مدى) في الجنوب، والتي تتوافق مع أندلُسيا الحديثة.
على مدى 170 سنةً تاليةً، وسعت الجمهورية الرومانية سيطرتها على هسبانيا، ولم يكن هذا نتيجة سياسة الفتح، بل عبر عملية تدريجية من إقرار السلام. عادت نشاطات الرومان في هسبانيا للظهور ثانيةً، إذ قمعوا تمردات القبائل الهسبانية بدلًا من السعي لإلحاق أقاليم جديدة بالجمهورية. نجم هذا عن تمردات عديدة قادتها القبائل المحلية.
كانت الأولوية إقرار السلام واستبقاء الأراضي وتوسيع السيطرة على القبائل المحلية. حول الرومان بعض المدن الأصلية الواقعة خارج المقاطعتين إلى مدن «ترفيد» وأسسوا بؤرًا استيطانية ومستعمرات رومانية (مستوطنات) لتوسيع سيطرتهم. كانت الترتيبات الإدارية مخصصةً لهذا الغرض.
مال الحكام المرسلون إلى هسبانيا إلى التصرف بشكل مستقل تمامًا عن مجلس الشيوخ بسبب المسافة الكبيرة التي تفصلهم عن روما. في الفترة الأخيرة من هذه الحقبة، حاول مجلس الشيوخ الروماني إحكام السيطرة على هسبانيا، وكان هذا بقصد الحد من الاضطهاد والسلب الذي مارسه بعض المسؤولين (الحكام) الرومانيين في شبه الجزيرة. خلال هذه الفترة، كان الفتح الروماني عملية ضم للقبائل المحلية إلى العالم الروماني ونظامه الاقتصادي بعد إقرار السلم.
تغير هذا بعد نهاية الجمهورية الرومانية وتأسيس حكم الأباطرة في روما. بعد انتصار الرومان في حروب كانتابريا شمال شبه الجزيرة (آخر تمرد ضد الرومان في هسبانيا)، فتح أغسطس شمال هسبانيا، مُلحقًا كامل شبه الجزيرة بالإمبراطورية الرومانية ومجريًا إعادة تنظيم إداري عام 19 قبل الميلاد.
توست مقاطعة هسبانيا أوليتير الرومانية بشكل كبير لتشمل الجزء الشرقي من هسبانيا الوسطى وهسبانيا الشمالية، وأُعيدت تسميتها هسبانيا تاراكونيس. انقسمت مقاطعة هسبانيا أوليتير إلى مقاطعتي هسبانيا بايتيكا (تشكل أغلبية الأندلس الحديثة) ولوسيتانيا، التي تغطي المناطق الممتدة من البرتغال الحالية حتى نهر دويرة (دوريوس) ومجتمع الحكم الذاتي الحالي إكستريمادورا وجزءًا صغيرًا من مقاطعة سلامنكا في إسبانيا الحالية.[1]