الغزو الإسباني للمايا
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
كان الغزو الإسباني للمايا صراعًا مطوّلًا خلال الاستعمار الإسباني للأمريكتين، ضمّ فيه الغزاة الإسبان وحلفاؤهم تدريجيًا أراضي المايا وكياناتها السياسية في الفترة ما بعد الكلاسيكية المتأخرة إلى المنطقة الاستعمارية لإسبانيا الجديدة. شغلت حضارة المايا أرضًا تُعرف حاليًا بالبلدان الحديثة: المكسيك وغواتيمالا وبليز وهندوراس والسلفادور؛ بدأ الغزو في أوائل القرن السادس عشر، وانتهى عمومًا في عام 1697.
أُعيق الغزو الإسباني للمايا بسبب دولتهم المجزأة سياسيًا. كان هناك اختلاف كبير بين التكتيكات والتكنولوجيا التي استخدمها الإسبان وتلك التي استخدمها السكان الأصليون. اتّبع الإسبان إستراتيجية تجميع السكان الأصليين في بلدات استعمارية أسّسوها حديثًا؛ ونظروا إلى أخذ الأسرى كعائق أمام النصر التام، في حين أعطى المايا الأولوية للقبض على السجناء الأحياء والغنائم. من ضمن الاستراتيجيات التي اتبعها المايا، كانت الكمائن تكتيكًا مفضّلًا؛ ردًا على استخدام سلاح الفرسان الإسباني، بدأ سكان المايا في المرتفعات بحفر الحفر وتغطيتها بأوتاد خشبية. قاوم السكان الأصليون تكتّل المستوطنات الجديدة باللجوء إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها مثل الغابات أو الانضمام إلى جماعات المايا المجاورة التي لم تخضع بعد للغزاة الأوروبيين. شملت الأسلحة الإسبانية السيف العريض والسيف ذا الحدين والرمح والمِطرد والقوس المستعرض وبندقية الفتيل والمدفعية الخفيفة. قاتل محاربو المايا باستخدام الرماح ذات الرؤوس المصنوعة من الصوّان والأقواس والسهام والأحجار والسيوف الخشبية المزوّدة بشفرات من حجر السج، وارتدوا الدروع القطنية المبطّنة لحماية أنفسهم. افتقر شعب المايا إلى العناصر الرئيسية لتكنولوجيا العالم القديم مثل العجلة الوظيفية والخيول والحديد والفولاذ والبارود؛ كانوا أيضًا شديدي الحساسية لأمراض العالم القديم التي لم تكن لديهم مناعة ضدها.
قبل الغزو، احتوت أراضي المايا على عدد من الممالك المتنافسة. نظر العديد من الغزاة إلى المايا على أنهم «كفّار» ينبغي هدايتهم بالقوة وتهدئتهم، متجاهلين إنجازات حضارتهم.[1] حدث أول اتصال بين المايا والمستكشفين الأوروبيين في أوائل القرن السادس عشر عندما تحطمت سفينة إسبانية -كانت تبحر من بنما إلى سانتو دومينغو- على الساحل الشرقي لشبه جزيرة يوكاتان في عام 1511. تبع ذلك إرسال عدة حملات إسبانية في عامي 1517 و 1519، وصلت إلى أجزاء مختلفة من ساحل يوكاتان. استغرقت عملية الغزو الإسباني للمايا وقتًا طويلًا؛ قاومت ممالك المايا الاندماج في الإمبراطورية الإسبانية بإصرار لا مثيل له، إذ استغرقت هزيمتهم ما يقارب قرنين من الزمان.[2] حدث أول اتصال بشعب الإيتزا (من شعوب المايا) والجماعات الأخرى التي تسكن المناطق المنخفضة في حوض بيتين بقيادة إرنان كورتيس في عام 1525، لكنها ظلت مستقلة وعدائية للإسبان الزاحفين حتى عام 1697، عندما تمكّن أخيرًا هجوم إسباني منسّق بقيادة مارتين دي أورثوا إيه أريثميندي من هزيمة آخر مملكة مستقلة تابعة للمايا.