الثورة اليهودية الكبرى
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
الثورة اليهودية الكبرى أو الثورة اليهودية الأولى (66 - 73 م) هي الثورة الأولى من بين الثورات اليهودية الثلاث في إقليم اليهودية الروماني. ونظرا للطبيعة الحساسة للديانة اليهودية فإن اليهود لطالما عانوا من المشاكل مع الحكام الأجانب الذين يحكمونهم بصورة مباشرة، وهكذا كان الحال مع الرومان الذين كانوا يديرون الإقليم اليهودي بشكل مباشر وبتدخل كبير في تعيينات الملوك والكهنة، وهذا ما أدى إلى تصاعد التوتر تدريجيا مع الرومان، بالإضافة إلى أن العقل الروماني كان يهتم بالسياسة فقط ولكنه لم يكن يهتم بالدين، وبذلك فإن الرومان كانوا بفطرتهم متسامحين دينيا ويقبلون جميع الأديان، وهذا ما لم يرق لليهود الذين كانوا يمتعضون من رؤية الأديان الوثنية تمارس في مناطقهم.
الثورة اليهودية الكبرى | |||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
جزء من الحروب اليهودية الرومانية | |||||||||
| |||||||||
تعديل مصدري - تعديل |
بدأت الثورة الكبرى في العام 66 م، خلال العام الثاني عشر من حكم نيرون، إذ قامت وسط التوترات الدينية الرومانية واليهودية.[1] تصاعدت الأزمة بسبب الاحتجاجات المناهضة للضرائب والاعتداءات على المواطنين الرومان من قبل اليهود.[2] جاء رد الحاكم الروماني، جيسيوس فلوروس، بنهب الهيكل الثاني، مدعيًا أن الأموال كانت تخص الإمبراطور، وشن غارة في اليوم التالي على المدينة، واعتقل العديد من الشخصيات اليهودية البارزة. أدى ذلك إلى تمرد واسع النطاق، وسرعان ما اجتاح المتمردون الحامية العسكرية الرومانية في يهودا، بينما فر الملك الموالي للرومان، هيرود أغريباس الثاني، مع المسؤولين الرومان من القدس. عندما بات جليًا أن التمرد كان يخرج عن السيطرة، جلب سيستيوس غالوس، ليغاتيوس سوريا، الجيش السوري مرتكزًا على الفيلق الثاني عشر فولميناتا معززًا بالقوات المساعدة لاستعادة النظام وقمع الثورة. على الرغم من التقدم الأولي وغزو يافا، تعرض الفيلق السوري لكمين وهُزم من قبل المتمردين اليهود في معركة بيت حورون حيث ذُبح 6000 روماني وانهزم فيلق أكويلا حامل الراية. خلال العام 66 م، شُكلت حكومة يهودا المؤقتة في القدس متضمنةً الكاهن الأعظم السابق أنانوس بن أنانوس، وانتخب يوسف بن غوريون ويهودا بن غملا قائدين. عُين يوسف بن ماتيتياهو (يوسيفوس) قائدا للمتمردين في الجليل، والعازار بن حنانيا قائدًا في إدوم. في وقت لاحق في القدس، فشلت محاولة مناحيم بن يهودا زعيم جماعة السيكاري في السيطرة على المدينة. أُعدم وطرد ما تبقى من السيكاري خارج المدينة. طُرد سيمون بار جيورا، وهو زعيم فلاحين، من قبل الحكومة الجديدة.
كلف نيرون الجنرال المتمرس المتواضع فسبازيان بسحق التمرد في مقاطعة يهودا. بعد منحه أربعة فيالق بمساعدة قوات الملك أغريباس الثاني، غزا فسبازيان الجليل في العام 67. شن الرومان حملة متواصلة للقضاء على معاقل المتمردين ومعاقبة السكان متجنبين هجومًا مباشرًا على مدينة القدس المعززة التي دافعت عنها قوة المتمردين الرئيسية. في غضون عدة أشهر، تولى فسبازيان وابنه تيتوس السيطرة على المعاقل اليهودية الرئيسية في الجليل واجتاح يوداباتا أخيرًا التي كانت تحت قيادة يوسيفوس فضلًا عن إخضاع تاريشيا، ما أدى إلى إنهاء الحرب في الجليل. بعد طردهم من الجليل، وصل المتمردون المتشددون وآلاف اللاجئين إلى القدس، ما سبب قلاقل سياسية. اندلعت المواجهة بين المقدسيين الصدوقيين بشكل أساسي وفصائل الزيلوت في الثورة الشمالية تحت قيادة يوحنا من جسكالا والعازار بن سيمون، وتحولت إلى حمام من الدماء. مع دخول الإدوميين إلى المدينة والمحاربة إلى جانب المتطرفين، قُتل الكاهن الأعظم السابق، أنانوس بن أنانوس، وتكبد فصيله خسائر فادحة. دُعي بعد ذلك سيمون بار جيورا، قائد 15000 من رجال المرتزقة، إلى القدس من قبل قادة الصدوقيين للوقوف ضد المتطرفين، وسرعان ما سيطروا على جزء كبير من المدينة. تبع ذلك اقتتال داخلي مرير بين فصائل سيمون وجون والعازار خلال العام 69.[3]
بعد فترة هدوء مؤقتة سادت العمليات العسكرية نتيجةً للحرب الأهلية والاضطرابات السياسية في روما، استُدعي فسبازيان إلى روما وعُين إمبراطورًا في العام 69. مع رحيل فسبازيان، تحرك تيتوس لمحاصرة مركز المقاومة المتمردة في القدس في أوائل العام 70. اختُرق أول جدارين للقدس في غضون ثلاثة أسابيع، لكن المواجهة العنيفة بين المتمردين منعت الجيش الروماني من اختراق الجدار الثالث والأكثرها سماكةً. بعد حصار وحشي استمر سبعة أشهر، أدى خلاله الاقتتال الداخلي ضمن صفوف الزيلوت إلى حرق كل الإمدادات الغذائية للمدينة، نجح الرومان أخيرًا في اختراق دفاعات القوات اليهودية الضعيفة في صيف عام 70. بعد سقوط القدس في العام 71، ذهب تيتوس إلى روما. غادر الفيلق العاشر فريتينسيس لهزيمة المعاقل اليهودية المتبقية، بما في ذلك جبل الفريديس وقلعة مكاور. انتهت الحملة الرومانية بنجاح الرومان مع حصار مسعدة في 73-74.
مع تدمير الهيكل الثاني في القدس (أحد الأحداث التي تُحيا ذكراها في شعائر ذكرى خراب الهيكل) سقطت اليهودية في أزمة مع تراجع أهمية حركة الصدوقيين. ومع ذلك، تم تهريب أحد الحكماء الفريسيين الحاخام يوحنان بن زكاي بعيدًا عن القدس في نعش من قبل طلابه أثناء حصار تيتوس. حصل الحاخام على إذن لإنشاء مدرسة يهودية في يفنه، والتي أصبحت بدورها مركزًا رئيسيًا للدراسة التلمودية. أصبحت هذه العلامة الحاسمة في تطور اليهودية الحاخامية، والتي من شأنها أن تسمح لليهود بمواصلة ثقافتهم ودينهم بدون الهيكل، وحتى في الشتات بنهاية المطاف. رغم الاضطرابات التي سببتها الثورة وتدمير الهيكل، استمرت الحياة اليهودية في الازدهار في يهودا، بيد أن الاستياء من الحكم الروماني أدى في النهاية إلى ثورة بار كوخبا في 132-136 م.