التاريخ البنائي لقوة الرومان العسكرية
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
يشمل التاريخ البنائي للقوة العسكرية الرومانية تحولات عديدة طرأت على بنية وتنظيم جيش روما القديمة، الذي يُعتبر أكثر مُؤسسة عسكرية مُؤثرة وطويلة الأمد عرفها التاريخ.[1] وخضعت المُؤسسة العسكرية في روما القديمة إلى تغيرات كبيرة منذ تأسيسها عام 800 ق.م وحتى حلِّها بالكامل عام 470م، ونتيجةً لانهيار الإمبراطورية الرومانية الغربية. في البداية، انقسمت القوة العسكرية الرومانية إلى جناحين: بري وبحري، وكان هذا التقسيم أمرًا واقعًا رغم أنه حدث بوضوح أقلّ من التقسيم المُتَّبع في المُؤسسات العسكرية الحديثة، وقد أدت الإصلاحات السياسية والتطور التدريجي إلى حدوث التغيرات الأساسية في بناء الجيش الروماني، ويُمكن تقسيم هذه التغيرات إلى أربع مراحل أساسية.[2]
اعتمد الجيش في نشأته في المرحلة الأولى على الخدمة العسكرية الإلزامية السنوية، التي فُرضت على المواطنين كونها جزء من واجباتهم تجاه الدولة، حيث كان الجيش الروماني أثناء تلك الفترة يشن حملات موسمية ضد خصوم الدولة. وشهدت المرحلة الثانية خضوع المزيد من الأقاليم لهيمنة الرومان وازدياد حجم قواتهم، وتدريجيًا تضمن الجيش المزيد من الجنود المُحترفين الذي يتقاضون أجورًا لقاء خدمتهم، ممَّا أدى إلى إطالة مُدة الخدمة العسكرية الإلزامية للفئات الدنيا من الشعب، التي لم تتقاضى أيَّ أجور، وقد تميزت الوحدات العسكرية الرومانية في تلك الفترة إلى حد كبير بتجانسهاوتنظيمها رفيع المستوى، وانقسم الجيش إلى فئتين أساسيَّتين: وحدات نظامية من المدنيين الذي عُرفوا بـالفيالق الرومانية ووحدات غير مُنظَّمة من القوات الأجنبية المُساعدة، والتي كانت تُستدعى، في الغالب لدعم الجيش بالوحدات الإضافية مثل المُشاة خفيفي التسليح والمساعدات اللوجستية والفرسان الخيالة.
شهدت المرحلة الثالثة مهمة القوات العسكرية التي كانت في ذروة قوة الإمبراطورية الرومانية في إدارة وتأمين حدود الأقاليم الضخمة التي خضعت لنفوذ روما، وقد قلَّت في هذه الفترة الأخطار الإستراتيجية على الدولة، واقتصر الاهتمام على حماية الأراضٍ المكتسبة قديمًا، وقد خضع الجيش لتغييرات نابعة من الحاجات المستجدة، وأصبح أكثر اعتماداً على الحاميات العسكرية الثابتة من المخيمات المُؤقتة للحملات والحروب الجارية.
ظلت الخدمة العسكرية قائمةً في المرحلة الرابعة بوصفها مهنة بأجر ضمن القوات النظامية. وكان ذلك في الوقت الذي انهمكت فيه روما بالحفاظ على هيمنتها على الأقاليم مُترامية الأطراف التي احتلَّتها. وقد شاع تعيين عناصر من المُرتزقة أو الأجانب الحليفين حتى أصبحوا يُمثلون نسبة ضخمة من القوات المُسلحة. في الوقت ذاته ونتيجةٍ لذلك، اضمحلَّت الوحدة التي تمتعت بها قوات روما العسكرية في سابق عهدها. وكان الجنود في هذا العصر من الفرسان الرماة خفيفي التسليح إلى المُشاة ثقيلي التسليح مُتفاوتين إلى حد بعيد في الكفاءة والحجم، ورافق ذلك اتجاهًا من الإمبراطورية في تغليب وجود سلاح الفرسان بشكل مُتزايد بدلًا من قوات المُشاة، فضلًا عن الحاجة إلى المزيد من الحملات العسكرية على الدول المجاورة، وفي أواخر عهد الإمبراطورية، كان هناك المزيد من التركيز على جميع الحدود عدا الشرق على وحدات أصغر من القوات العاملة بشكل مستقل مع الانخراط بشكل مُقنن في معارك منخفضة الحدة وأعمال حرب العصابات.