اجتماع برلين
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
كان اجتماع برلين (13 يونيو- 13 يوليو 1878) اجتماعًا لممثّلي القوى العظمى الست في ذلك الوقت (روسيا وبريطانيا العظمى وفرنسا والإمبراطورية النمساوية المجرية وإيطاليا وألمانيا) والإمبراطورية العثمانية وأربع دول بلقان (اليونان وصربيا ورومانيا والجبل الأسود). هدفَ المؤتمر إلى رسم حدود أراضي الدول في شبه جزيرة البلقان في أعقاب الحرب الروسية التركية بين عامي 1877 و1878 وانتهت بتوقيع معاهدة برلين التي حلّت محلّ معاهدة سان ستيفانو الأولية والتي جرى توقيعها قبل ثلاثة أشهر بين روسيا والإمبراطورية العثمانية.[4]
أدرك المستشار الألماني أوتو فون بسمارك، الذي تعهّد بإرساء الاستقرار في دول البلقان، بتهاوي قوّة الإمبراطورية العثمانية والمصالح المشتركة الواضحة لبريطانيا وروسيا والإمبراطورية النمساوية المجرية. في الوقت نفسه، حاول تقليص المكاسب الروسية في المنطقة ومنع ظهور بلغاريا الكبرى. نتيجةً لذلك، انحسرت الأراضي العثمانية في أوروبا انحسارًا حادًا، واعتُبِرت بلغاريا إمارةً مستقلة داخل الإمبراطورية العثمانية، واستعاد الأتراك الروملي الشرقي وخضع لإدارة خاصة وعادت منطقة مقدونيا مباشرة لحكم الأتراك، الذين وعدوا بالإصلاح.
حقّقت رومانيا الاستقلال التام، لتضطّر إلى تسليم جزء من بيسارابيا إلى روسيا، لتحصل على دبروجة الشمالية. حصلت صربيا والجبل الأسود أخيرًا على استقلالهما الكامل ولكن بمساحة أراضٍ أصغر، مع احتلال الإمبراطورية النمساوية المجرية لإقليم السنجق (راشكا). استولت الإمبراطورية النمساوية المجرية أيضًا على البوسنة والهرسك، وسيطرت بريطانيا على قبرص.[5]
لاقت النتائج الترحيب في البداية كإنجازٍ كبيرٍ في صنع السلام وتحقيق الاستقرار. ومع ذلك، لم يكن معظم المشاركين راضين تمامًا، وتلاشت المظالم على النتائج إلى حين تفجّرها في حرب البلقان الأول والثانية في 1912-1913 وفي النهاية وقوع الحرب العالمية الأولى في عام 1914. حقّقت صربيا وبلغاريا واليونان مكاسب، لكن الجميع حصلوا على أقل بكثير مما اعتقدوا أنهم يستحقون.
تعرّضت الإمبراطورية العثمانية، التي كانت تسمّى آنذاك «رجل أوروبا المريض»، للإذلال وأُضعِفت بشدّة، مما جعلها أكثر عرضة للاضطرابات الداخلية وأكثر ضعفًا لتلقّي الهجوم.
على الرغم من أن روسيا كانت منتصرة في الحرب التي سبقت المؤتمر، إلا أنها تعرّضت للإهانة هناك واستاءت من المعاملة التي لاقتها. حصلت النمسا على مساحةٍ كبيرة من الأراضي، مما أغضب السلافيين الجنوبيين، وأدّى إلى عقود من التوترات في البوسنة والهرسك.
أصبح بسمارك مرمىً للكراهية لدى القوميين الروس والقوميين السلافيين، وكان ليجد أنه قد ربط ألمانيا ربطًا وثيقًا بالإمبراطورية النمساوية المجرية في البلقان.[6]
على المدى الطويل، اشتدّت التوترات بين روسيا والإمبراطورية النمساوية المجرية، وكذلك مسألة الجنسية في البلقان. وكان المؤتمر يهدف إلى مراجعة معاهدة سان ستيفانو والإبقاء على القسطنطينية في أيدي العثمانيين. وتنصّل المؤتمر من انتصار روسيا على الإمبراطورية العثمانية المتداعية في الحرب الروسية التركية. أعاد المؤتمر الأراضي إلى الإمبراطورية العثمانية، والتي كانت المعاهدة السابقة قد منحتها لإمارة بلغاريا، وعلى الأخص مقدونيا، مما ولّد رغبةً قوية للثأر في بلغاريا، وأدّى بالتالي إلى اندلاع حرب البلقان الأولى في عام 1912.